طوال الأسابيع الماضية، كنت أخشى دائما أن يأتي يوم أود فيه أن أكتب كما كنت أكتب دائما، فلا يجود فيه القلم بنبضه، وها هو اليوم الذي كنت أخشاه قد حاصرني حصارا ما كنت أتوقع أن يكون بهذه السرعة التي وجدت، شهران قد مضيا دون أن أفرغ نفسي لممارسة الهواية الأقرب إلى قلبي، ليس تقصيرا في حقها، ولكن لأنني طالما جلست، وحاولت وكتبت، ثم أجد أن ما كتبته مجرد هراء لا يهم القارئ في شيء، كما أنه لا يرضي كاتبه بالدرجة الأولى.
نعم، كثيرون من الكتاب لا يكتبون غير الهراء، ولا يضعون أنفسهم إلا في قيعان المزابل وعذرا على اللفظ، ولكنني أولا، لست بكاتب، إنما أنا هاو مبتدئ، ثم إنني لا أريد حتى وإن كنت مجرد هاو، لا أريد أن أسلك في كتابتي طريق المزابل الذي يسلكه الكثيرون.
قبل أيام قلائل، قرأت مقالا في إحدى الصحف المحلية لكاتب محدث، يترفع بنفسه (الراقية جدا) عن بيئة الملتزمين، ويحمد ربه ويثني عليه ويشكره أجل الشكر، أن وفقه لترك الجماعة الملتزمة التي عرفها ذات يوم، وأعاده إلى محيط هواه ونفسه ليستمتع بحفلة المغنية الفلانية في الساحة الفلانية في الليلة المذكورة! تعالى الله عما يقول، إنما أغواه الشيطان وانتصر عليه أيما انتصار!
إن مثل هذا الهراء، وهذه السفاسف التي تطالعنا بها بعض الصحف، هي السبب الأول في تراجع مستوى أقلام الشباب، بل، وأقولها بكل أسى، تراجع الجيل بأسره، نعم، جيل الشباب، الذي أنتمي إليه اليوم، أصبح بعيدا كل البعد عن علو الغايات والمنازل، الكتّاب في الصحف جلهم، أو ربما كلهم من الجيل الماضي، وقراء الصحف كلهم من كبار السن أو ربما بعض النقاد الذين اتخذوا الرد على الأعمدة والمقالات هواية لهم بعد أن تقاعدوا من أعمالهم ولم يجدوا ما يملؤون به أوقات الفراغ غير تلك الحرفة.
شبابنا اليوم، يتناول أحدهم الصحيفة، إن كانت يده تستطيع لها وصولا، ليفتحها ثم يسحب منها الملحق الرياضي، ويكيل بعد ذلك أنواع الشتائم والسباب للفريق الخصم، ثم يعيدها في مكانها، دون أن يكرم الصحيفة بالتفاتة منه حتى للخبر الرئيسي في الصفحة الأولى.
حاولت أن أكتب وأكتب، ولكنني خشيت أن أكون ممن دخلوا محيط الفشل، فأصبحوا يكتبون لمجرد الكتابة، لا لإيصال قيمة أو فائدة، لست أعني أنني خير من يوصي ويعظ، أستغفر الله، فأنا أقل قدرا من ذلك والله أعلم بما تخفي الصدور، ولكنني إن لم أكن أكتب ما يرضي الله تعالى، فلن، أكتب ما يغضبه، حتى وإن جلست باقي العمر دون أن أكتب حرفا واحدا.
عذرا على تأخري المستمر في التجديد، أعتقد أن السطور أعلاه كافية جدا لتبرير هذا الإبطاء، ومع ذلك، سيكون لنا لقاء حافل بكل جديد قريبا بإذن الله.
بو ياسر
27 أبريل 2009
لنكاوي
ماليزيا
جزاك الله خيرا أخي بوياسر
أتفق معك بأن كل صاحب حرفة أو هواية يجب أن لا يقوم بما يصيع به وقت جمهوره
فالكاتب الذي يكتب لمحرد الكتابة يخون جمهوره ويضيع وقتهم
والمنشد الذي يصدر ألبوما لمجرد الربح أو الظهور ويضيع الكلمات والمعاني يخذل جمهوره
وكذلك والممثل والشاعر والروائي وغيرهم وغيرهم
وحتى الشيخ الذي يلقي الدرس دون الإعداد الجيد فإنه يفسد الفائدة أو يقللها
لذا.. فلنجعل إنتاجنا نافعا وإن قل.. ولا نكثر فنفرط في أوقاتنا وأوقات جمهورنا
فالكلام ينسي بعضه بعضا.. ومن كثر كلامه كثر سقطه (أو لغطه) .. ومن كثر لغطه كثرت ذنوبه.. ومن كثرت ذنوبه فالنار أولى به
أخي الحبيب رفيع، أسعدتني بتواجدك في المدونة، لكم يشرفنا ذلك..
لن يكون ما قرأت عذرا للانقطاع بإذن الله، سأعمل على التجديد في الفترة القادمة قدر المستطاع..
جزك الله خيرا على طيب المرور، وعلى ترك بصمتك في المدونة 🙂
صج اني ما اكتب لكني اقرا الكثير
لكن المشكلة في سفاهة ما تقرأه
خمس او ست جرائد في البحرين تبحث عن كاتب يبرد قلبك او يفيد بشي ما تلاقي ..
انا اشوف الكتابة لمجرد الكتابة نفع وان كانت بلا هدف ،، عشان ما تعتزل مع مرور الوقت ولكن بشرط لا تكتب ما يغضب رب العالمين