ءالآن؟

tunisia3.jpg

مصر تعلق قوانين رفع الأسعار والضرائب، وسوريا ترفع تعويض التدفئة 100%، والأردن يعد بإصلاحات، وقيادات عدد من الدول تراجع سياساتها المحلية وتعد بالتغيير والتعديل.

 

بن علي قبل سقوطه يكرر “أنا فهمتكو!”

ءالآن؟ أما فهمتهم إلا الآن؟ وأنتم يا معشر الطغاة، خشيتم على الكراسي، وحقول الأموال التي لازلتم تمارسون نهبها، فوعدتم؟ أم خشيتم أن يصل بكم الوضع إلى ما وصل به حال ابن علي، فأردتم التهدئة؟

 

إن الشعوب لتأكل القهر والذل ولكنها لا تستسيغه، وتسكت عن الظلم ولكنها لا ترضاه، وإنها إن صمتت دهوراً، فإن ثورتها لا تخمدها مياه الدنيا بأسرها، ولعل تونس وما قام به شعب تونس العظيم، خير مثال وأفضل دليل.

 

إن الطاغي الباغي الذي مارس القهر وألقمه أبناء شعبه الأبي طوال السنوات الماضية، لم يكن يعرف أن نهايته الوبيلة ستكون كما كانت، ولو عرف ذلك لأحسن، وكسب شعبه بالود والنور بدل الحديد والنار، وما أروعها من نهاية، رغم عدم كفايتها، عندما غادر البلاد ذليلا صاغراً يبحث عن أرض يضع فيها قدميه بعد أن كان يطأ بها أكباد الأحرار، فترفضه أرض الله الواسعة، ويستقبله بعدها أحدهم بمنة وفضل، وتظل الشعوب تلعنه، وتدعو عليه بالويل والثبور رغم استقراره في أرض الحرم.

 

قد يعادي أحدهم الخلق، فلا يستقيم أمره، فما بالنا بالذي يعادي الخالق سبحانه، أتراه يعيش كريما ويموت كريما؟ ذاك الذي منع الحجاب وأهان المحجبات، ومنع الأذان لتلويثه البيئة كما يقول، وقنن الصلوات وآذى المصلين، حتى أصبحت البلاد أقرب إلى الكفر منها إلى الإسلام، والوزر في ذلك على ذلك الفرعون، حتى أذله الله، وعلت راية “الله أكبر” من جديد، فخرج الناس يرفعون الأذان، ويقيمون الصلاة، خرجوا من ظلمات ابن علي إلى نور الله تعالى، يعانقون الدين من بعد افتراق، أوليس ذلك الشعور برائع؟ هل عرفنا نحن قيمة الدين ونحن في أريحيتنا نمارسه دون قيود، كما عرف أبناء تونس قيمته اليوم؟

 

ولئن هوى الباغي ذليلاً، فإن البغي لم يهوِ، وسقوط الطاغية لا يعني سقوط الطغيان، فكم في الأرض من طغاة بغاة ظالمين، لا يزالون يتربعون على رؤوس الخلائق، وإن لهم يوماً ستدك فيه حصونهم، وستلعنهم الشعوب الكسيرة، ولا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للقيد أن ينكسر.

18 يناير 2011

انشر الرابط

تعليقات

  1. أبو همام 18 يناير 2011 at 2:01 م

    إجتمع الإبداع والجمال وتمازج في الشعب التونسي و وبو ياسر!
    أهنئ الإسلام والمسلمين (بحذر) لهذا النصر، يستحق شعب تونس أن يعبد الله كما أراد سبحانه، وأن يصلي ويؤذن و”يعدد في الزوجات ” وأن تستتر أخواتنا التونسيات.
    فيما مضى ضجت القنوات الإسلامية من هموم التونسيين “والليبيين” من غربة المسلم في بلاده، فالحمد لله على كل حال، وأسأل الله أن يتمم المتبقي.
    أذكر إتصال من أخت تونسيه تشكي الحجاب في الجامعات للشيخ عبدالله المصلح، فقال لها الشيخ إصبري وسيأتي الله بخير!!!! 

  2. عبدالله الكندي 18 يناير 2011 at 2:09 م

    السلام عليكم أخي العزيز

    حديث الساعة..حلم ليس حقيقة..هذا الذي نشهده

    اذا الشعب يوما أراد الحياة!! ولكن يا حسرة على شعوب لم ترد الحياة؟

  3. محمود العباسي 18 يناير 2011 at 2:39 م

    كلام كبير ومعبر بلسان الشعوب المؤمنه الصابرة وسيأتي الزمان للمظلوم أن ينتصر بمشيئة الله تعالى العزيز الجبار

  4. نواف 18 يناير 2011 at 3:01 م

    جميل يا بوياسر
    الله يعطيك العافية

  5. ● بو ياسر ● 18 يناير 2011 at 3:21 م

    أخي أبو همام.. مرحباً بك بعد انقطاع، حقيقة فإن الحذر الذي وضعته بين قوسين مهم بحق، لأن الطامعين لا يستفحل طمعهم إلا عندما تثور الشعوب، فوجب الحذر اليوم من أبناء تونس الشقيق لإعادة بناء تونس كما يحب الله ويحب المخلصون من أبناءها.
    الأستاذ عبدالله الكندي، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نعم هي الحقيقة التي تذوقها شعب تونس الحر، شعبهم أراد الحياة، وكل الشعوب تريد الحياة، لكن اجتماع الشعب على هذه الإرادة هو الذي لم يتحقق بعد، الشعوب تريد الحياة وتناضل من أجلها، لكن انتفاضة شعب تونس هي التي جعلت القدر يستجيب، والقدر بيد الله تعالى، وهو الذي استجاب فله الحمد والمنة، إذ جعل لمصاب إخواننا نهاية، نسأل الله في ابن علي يوماً أشد سواداً من يوم رحيله!
    أخي محمود، صدقت:
    لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً
    فالظلم آخره يأتيك بالندمِ
    نامت عيونك والمظلوم منتبه
    يدعو عليك وعين الله لم تنمِ
    نواف، أنت الجميل عزيزي، حياك الله وبياك

  6. ياسر الحسن 18 يناير 2011 at 3:36 م

    حمداً لله على هذه النعمة..
    وأدعو الله أن يسقط باقي الطواغيت..
    وأولهم فرعون مصر إن شاء الله..
    أشكرك أخي بو ياسر على هذه العبارات الرائعة..

  7. عبدالله هود 18 يناير 2011 at 7:28 م

    مقال جميل جدا
    واستأذنك بارساله الى بعض الاقارب والاصدقاء

  8. جهاد الحسن 19 يناير 2011 at 11:36 م

    مقال رائع أخي
    وإلى مزيد من الصحوة يا ديار الإسلام
    تونس كانت دائماً منبع التغيير.. ولعلها تكون بداية استيقاظ المسلمين وعودة مجد الإسلام
    أكرر شكري لك أستاذنا بوياسر

  9. بنت الخالدات 29 يناير 2011 at 1:33 م

    اذا الشعب يوماُ أرادَ الحياة
    فلابدّ أن يستجيبَ القَدَر
    ولابدّ لليل أن ينجلي
    ولابدّ للصبحٍ أن يندثر
    ومن لم يُعانقُه شوق الحياة
    …تبخّرّ في جوّها واندثَرْ

    سننتصر بديننا، بإسلامنا ،بتوحدنا ،بإعلاء راية الحق ،بلا إله الا الله ،بـالله أكبر من ظلم الطغاة
    ألا إنّ نصر الله قريب

    مقالة رائعة ومؤثرة جدّاً
    جزاك الله خيراً
    وبانتظار مقالة تُثلج صدرونا عن شعب مصر الأبي
    دمت بخير..

  10. بنت الخالدات 29 يناير 2011 at 1:38 م

    أحبببتُ أن أضع بين أيديكم قصيدة الشاعر أبو القاسم الشابي ..
    فحقّاً نستشعر معنى كل حرف في ظل هذه الظروف التي نعيشها فاسمحولي بأن أذكركم بهذه القصيدة لتعيشوا معانيها كما عشت ..
    إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
    ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
    ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر
    كذلك قالت لي الكائنات وحدثني روحها المستتر
    ودمدمت الريح بين الفجاج وفوق الجبال وتحت الشجر:
    إذا ما طمحت إلى غاية ركبت المنى ونسيت الحذر
    ومن لا يحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر
    فعجت بقلبي دماء الشباب وضجت بصدري رياح أخر
    وأطرقت أصغى لقصف الرعود وعزف الرياح ووقع المطر
    وقالت لي الأرض لما سالت: يا أم هل تكرهين البشر ؟:
    أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر
    وألعن من لا يماشي الزمان ويقنع بالعيش ، عيش الحجر
    هو الكون حي يحب الحياة ويحتقر الميت مهما كبر
    وقال لي الغاب في رقة محببة مثل خفق الوتر
    يجيء الشتاء شتاء الضباب شتاء الثلوج شتاء المطر
    فينطفئ السحر سحر الغصون وسحر الزهور وسحر الثمر
    وسحر السماء الشجي الوديع وسحر المروج الشهي العطر
    وتهوي الغصون وأوراقها وأزهار عهد حبيب نضر
    ويفنى الجميع كحلم بديع تألق في مهجة واندثر
    وتبقى الغصون التي حملت ذخيرة عمر جميل عبر
    معانقة وهي تحت الضباب وتحت الثلوج وتحت المدر
    لطيف الحياة الذي لا يمل وقلب الربيع الشذي النضر
    وحالمة بأغاني الطيور وعطر الزهور وطعم المطر

    عذراً على الإضافه يابن الخاله ..
    بانتظار جديدك دوماً أخي ..

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني