ثورة.. ضد القلم

 

revolution.jpg

منذ أكثر من شهرين، وأنا على نفس الحال، كلما أمسكت القلم لأكتب شيئاً من شاكلة ما أكتب، وجدت الموضوع ينحرف تلقائياً نحو السياسة التي لا أجيد الكتابة فيها، ولا أستسيغ التعمق في بحورها أصلاً.

عزمت على الكتابة عن ذكريات وحكايات، فوجدت تونس الخضراء تحتل أسطر مقالي، وبين كل كلمة وكلمة، وجدتني أستشهد بنضال التوانسة الكرام، وصبرهم وتمسكهم بدينهم رغم محاكم التفتيش التي حكمتهم، حتى رحل عن تونس باغيها وطاغيها، وفهم من شعبه ما يريد، فأراح واستراح، عندها قلت: الآن تحرر قلمي من عقدة السياسة، وحان وقت العودة للكتابة فيما يجب أن يُكتب!

وما أمسكت القلم لوهلةٍ أريد انطلاقةً جديدة، حتى قاطعتني رسالةٌ من صديق مصري يطلب الدعاء لإخواننا في أرض الكنانة، وضعت القلم جانباً، وفتحت التلفاز، فإذا الأمر جلل والثورة تضطرم، وسيادة الرئيس يهيئ الأمر لخطاب، فانتظرت خطابه، وإذا به كلام عن ماض غير تليد، زعم هو أنه ماض تليد عريق أفناه في خدمة مصر، ولم يصمد طويلا حتى انصرف غير مأسوفٍ عليه، فأسرعت من جديد إلى القلم قبل أن تشتعل ثورة أخرى.

ولكنني وبعد كل هذه الثورات، آثرت النوم تلك الليلة لأعود لقلمي في اليوم التالي، فلا أظن الثورات توالي بعضها بهذه السرعة!

وصحوت على رسائل واتصالات، لقد كانت الثورة التالية أقرب إلي مما كنت أتصور، لقد كانت الثورة في البحرين! تصوروا! في البحرين ثورة!

فتحت التلفاز فوجدت ثورة مصر، ولكن بلباس بحريني، مصطلحات مصرية بلكنة بحرينية، إنها تمثيل لثورة مصر، ظننته فيلماً، وبصراحة فقد آلمني ذلك جداً، لم أرض أبداً بالاستهزاء بثورة إخواننا المصريين بهذه الطريقة، ولكن المضحك أكثر، أنني اكتشتفت أنها ليست مسرحية، ولم يكن ذلك تمثيلاً، الجماعة جادون في “ثورتهم” ويريدون إسقاط النظام!

لم أستطع للقلم سبيلاً، إذ لم أكن أعرف أأضحك؟ أم أبكي؟ أفي البحرين يحدث مثل هذا؟ ولازلت أسأل نفسي! هل يقرصني أحد فأصحو من هذا الكابوس “المضحك” حقاً؟

ثم جاء العجوز الخرف في ليبيا ليضاعف لنا الكوميديا بخطاباته، ولكن وللأسف، لم تكن كوميدياه مضحكة، لأنها جاءت على أرواح الأبرياء والرقص على دمائهم.. ولذلك، لم أعد إلى قلمي.

وتصاعدت وتيرة الأحداث في البحرين، وأنا أسائل نفسي: أكابوس مضحك؟ أم مسرحية كما ظننت من قبل؟

حتى استقرت الأمور أخيراً بفضل الله تعالى، ولم ينته العرض، ولكني أحسب أن العودة إلى القلم قد حانت، ولكن بعد تفريغ السياسة المحشورة في داخلي من خلال هذه الأسطر، وبعدها، نعود إلى أحاديث الذكريات وخواطر الأمس واليوم.

 

19 أبريل 2011

انشر الرابط

تعليقات

  1. راشد المضاحكه 19 أبريل 2011 at 3:34 م

    ابدعت كعادتك يا بوياسر =)
    اليوم وكما اسلفت اصبح الجميع مجبرًا على التحدث في بحار السياسة، حتى وان كنا بعيدين عنها، ولكن الازمة علمتنا وجوب التبحر في كل الميادين درءً لكل مفسدة قادمة -لا قدر الله-..
    واصل ابداعاتك ياخووي، ويعطيك العافية =)

  2. بو همام 28 أبريل 2011 at 12:25 م

    أسأل الله أن يصلح أحوال هذه الأمة، وأن يكفينا شر كل من أراد بها سوء.
    وتأكد يا أخي أنه لن يصلح حال هذه الأمة إلى بما صلح أولها.
    المهم، نحن في الخليج “بدون عصبية” وهبنا الله بولاة أمور أسأل الله أن يبارك فيهم وأن يرزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير.

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني