● بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مّبِيْن ●

لغة القرآن

مع التطور الذي يشهده العالم في طرق الاتصالات وأساليب التواصل، والعولمة التي باتت مرا لابد من تجرعه، وجدنا أنفسنا أمام ثقافات وعادات ولغات وتقاليد من الشرق والغرب ما كنا نعرف عنها شيئا، وما كنا نظن أن لها وجودا على البسيطة، حتى فتحت لنا القنوات في التلفاز والمواقع على الإنترنت، فأصبحت الشعوب البعيدة والدول النائية تقيم بين جدران منازلنا رغما عنا، وربما يكون ذلك خير أحيانا، ولكنه في أغلب الأحيان ليس كذلك.

وما أتيت اليوم لأكتب عن عادات الغرب وتقاليد الشرق وطقوس رجال القبائل في أفريقيا، ولكني أكتب فقط بعد أن رأيت وسمعت ووجدت ما يسوء النفس والضمير، إن كان للضمير وجود، تلك الجرائم النكراء التي ارتكبتها هذه العولمة في حق تلك الأبية العزيزة الرفيعة، ولا ندري، بأي ذنب قتلت، أو بأي ذنب، تساق اليوم لتقتل!

أوما عرفتم أي عزيزة أعني؟ إنها لغتنا، هويتنا، لغة القرآن العربية القرشية، التي خلدها الله بالقرآن الكريم رغم أنف الرافضين، من دعاة التغريب والعلمانية، ولو كان للغة العربية أن تنقرض، لانقرضت لغة قريش كما انقرضت عربية حمير وهذيل وقضاعة، وجميع اللغات العربية الأخرى، ولكن الله اختار لعربية قريش أن ينزل القرآن بها، فتخلد ما شاء الله لها أن تخلد، وتتلى آيات القرآن بها إلى يوم الدين، فلا يكون المسلم مسلما، إلا بكلمات منها يرددها في صلاته وتراتيله ودعواته، فكيف تزول لغة تجري فينا مجرى الدم في العروق؟

إن الغفلة التي تسيطر اليوم على شباب المسلمين، وربما حتى كبارهم أحيانا، هي التي جعلت فئة من هذه الأمة ينسحب نحو كمين الغرب انسحاب السمكة للطعم، فأصبح الواحد منهم يلوي لسانه بكلمة إفرنجية بين كل كلمتين، ظنا منه أنه غدا فهيم زمانه، وإن أكثر من هذه الكلمات فلا شك أنه النابغ الفطحل، ولو أنه صال وجال وتعمق في بحور اللغة العربية لوجد أنها أبلغ من لغات العالم أجمع، ولوجد فيها من الفصاحة والبلاغة والرقي ما يعلي شأن الناطقين بها أعلى الذرى.

لن نتكلم عن ضرورة المحافظة على العربية الفصحى ولن ندعو إلى التحاور بها فهذا وحده يدعو لسخرية البعض والاتهامات بالرجعية، ولكني أتحدث عن العار الذي قد يلحق بنا وبأمتنا لو واصلنا التنازل عن اللغة العربية واستخدامها، فننسى بعد ذلك أهم قواعدها وأسسها، وقد حصل ذلك بالفعل عند طائفة كبيرة من أبناء العرب، فما العروبة فيهم إلا موروث ورثوه كما كان الدين فيهم.

إن آخر ما كنا نتوقعه، أن نجد شباب العرب يستبدلون الحروف العربية في كتاباتهم – العربية – على (الإنترنت) وربما غير الإنترنت أيضا، بحروف أجنبية، وما أجد في ذلك إلا نوع من الفلسفة التي لا داعي لها أساسا، ولو علم شبابنا عن مصاب الترك في تغيير الحروف العربية رسميا عندهم إلى الإنجليزية بعد سقوط الدولة العثمانية، وما زاد عليهم في صعوبة تعلم القرآن ودراسته، وأبعدهم ونآى بهم عن العالم العربي والمسلم، وطمس هويتهم المسلمة، لو علموا ذلك وفهموه، لتمسكوا حينئذ بعربيتهم وحروفها وكلماتها وحتى أصغر مكوناتها، أوما تستحق لغة القرآن أن نحفظها؟ من أجل القرآن الذي أنزل بها؟

21/7/2010

انشر الرابط

تعليقات

  1. خليفة الملا 21 يوليو 2010 at 3:20 م

    جزاك الله خيرًا أخي (بوياسر) وجعل الله ماكتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة

    وأوصي نفسي وإخواني بهذه الوصية العظيمة

    “اجتهد أن تتكلم العربية الفصحى فإن ذلك من شعائر الإسلام”

    وشكرًا..

  2. ابراهيم حمدان 21 يوليو 2010 at 11:39 م

    في القمة دائما..

    بارك الله فيك وسدد خطاك..

  3. عباده الحسن 22 يوليو 2010 at 9:09 ص

    شكرا لك ابن عمي بوياسر
    اكثر ما يحزنني انه في كل دول العالم يتكلمون ويكتبون بلغتهم الاصلية حتى لو كانو يجيدوا اللغة الانجليزية ،، اما نحن ،، خاصة في مركز زين لتعلم الاكتروني 🙁 ،، كل المراسلات الغير رسمية ليست بالعربية ،، بحجة ان اللغة العربية صعبة !!

  4. محمد المرّان 22 يوليو 2010 at 1:25 م

    لعله التقليد الأعمى المقصود، لحب البرستيج وما يسمى بالحياة الكووول، ثقافة من مسلسلات وأفلام أجنبية، وربما واقع الجامعات ودراستها والعمل ومتطلباته، جعل من لغتنا الأم، أن تحتل رقم 2، عوامل كثيرة ولكن تبقى التربية هي الأساس الذي يستند ويرجع إليه الفرد، الجميع مشترك في هذا الأمر، وكل فرد مسؤول من جهته في مواجهة هذه العولمة.

  5. فواز إبراهيم 9 أغسطس 2010 at 11:39 ص

    بوركت يا أخي الحبيب ..
    لا فض فوك ..
    لا زيادة على ما قاله الإخوان ..

  6. بنت الخالدات 15 أغسطس 2010 at 10:47 ص

    الرد يظول في هذا الموضوع
    لي عودة إن شاء الله

  7. حسن بوعسلي 6 يناير 2011 at 11:37 ص

    صح لسانك يا بو ياسر

  8. ياسر الحسن 6 يناير 2011 at 1:57 م

    عبرت عما في خاطري من كلمات وشجون..
    سلمت يمينك أخي الحبيب (:
    وأدعو الله أن تصل هذه الرسالة إلى كل من قصر في حق لغتنا الغالية..
    وإذا تأملنا ولاحظنا فإننا سنجد أن الأجيال القادمة ستكون بعيدة عن اللغة العربية إذا استمر الحال على ما هو عليه وهذا ما يريده دعاة العولمة..

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني