₪ اللــوحـــة ₪

painting.jpg

في معرض الفن العالمي، استطاعت إحدى لوحات الرسم التجريدي أن تسرق اهتمام الزوار جميعا، وزاد إعجابهم باللوحة عندما استمعوا لشرح الخبير وتحليله لما فيها من ألوان، فقد كان يتحدث عن روعة الطبيعة والنشوة التي كانت تسيطر على الرسام حين أبدع هذه اللوحة، اللون الأزرق الذي يوحي بالأمل، وانسجامه مع الأصفر لا يترجم إلا لبزوغ فجر سعيد، الأحمر يتوسط اللوحة، وهذه لا تحتاج إلى تفسير، إنه الحب الذي يتوسط الأمور دائما فيكون لها بمثابة القلب، كان الخبير يتحدث عن المروج والسهول الخضراء التي يبدو أن الرسام قد تأثر بها نظرا لبيئته التي ترعرع فيها، فكانت اللوحة تعكس كل هذا التفاؤل، وتأخذ المتذوق إلى عالم رائع من الجمال الأخاذ.

أغلق المعرض أبوابه، وأخذ مدير المعرض يتفقد اللوحات قبل مغادرته، واكتشف أن عامل النظافة قام بتثبيت اللوحة مقلوبة من دون قصد، فأمر بتعديلها فورا، ثم غادر بعد يوم طويل قضاه بين هذه التحف وتلك الإبداعات.

عاد الزوار في اليوم التالي كل يبحث عن الفن الذي يحب، وعاد الخبير ليمتع وفدا آخر من الزوار بروعة تلك اللوحة، ولكنه في هذه المرة، وجدها مقلوبة.

علم الخبير أن اللوحة أصبحت الآن في وضعها الصحيح، غير أن ما آلمه أن اللوحة باتت تحكي أحداثا غير تلك التي كانت تحكيها بالأمس، وبدأ بترجمتها على مضض، “هذه اللوحة تتحدث عن هم دفين ألمّ بالفنان حين قام بترجمة مشاعره باستخدام الفرشاة والألوان، فاللون الأحمر لا أراه إلا رمزا للدماء التي سالت فاختلط الأحمر من وسط اللوحة بالأخضر، وكأنما سالت الدماء على المروج الخضراء، فما نفعت تلك القرية خضرتها ولا زرقة سمائها، وما زادها شعاع الشمس إلا لهيبا، وتوقا للانتقام“.

هكذا اختلفت أحداث القصة لمجرد انقلاب اللوحة، وهكذا الحياة دائما، لا يوحي مظهرها بمخبرها بالضرورة، فخلف الألوان، أسرار يتطلب منا كشفها أن ننظر من أكثر من زاوية لنعرف الخبء فيها.

قد تكون الصور مقلوبة أحيانا، فما كل مبتسم سعيد، إذ ربما خلف البسمة ألف آه يأبى العزيز أن يطلقها، وما كل البكاء نحيب، فبعضه يعلو من فرط السعادة بعد أن طال انتظارها، وكما قالوا قديما، رب جاهرة بلا إله إلا الله، وصوتها يدعو إلى الفجور، وداعية إلى الخنا وقلبها يأباه من عمق أعماقه.


11/7/2010

انشر الرابط

تعليقات

  1. محمد 19 سبتمبر 2010 at 9:15 م

    اي والله ياخووي
    هاي حال الدنيا
    نسوي اللي نقدر عليه علشان تبقى الصور عدله مو مقلوبه

  2. يوسف الهاجري 19 سبتمبر 2010 at 10:29 م

    ابداع بوياسر
    ننتظر الجديد دائماً 🙂

  3. بنت الوفا 28 سبتمبر 2010 at 9:42 ص

    ابداااااااااااااااااع

    ماعليك زووووووووووود

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني