●● عام مضى.. لتعود الذكرى ●●

●● عام مضى.. لتعود الذكرى ●●

 

وهل رحلت الذكرى يوما لتعود؟ سؤال أسائل به نفسي بين الفينة والأخرى، فأعود بعد تساؤلي دونما جواب يذكر، غير أن الذكرى قد عادت، وفرضت علينا عودتها حتى وإن لم تمض عنا يوما.

 مروان الحمر، ذلك الشاب الذي لا تزال المحرق، بل والبحرين بأسرها، تحكي قصته، وتنوح على وداعه، هو وأخوه عبدالحميد، الذي كان بصحبته يوم أن اختارهم المولى معاً.

عام مضى، ولازلت أخلط الأمور وأنسى، وأعيد اسمه، ثم أعود فأسترجع، وأدرك أن القضاء قد سبق، ولكنني لا أزال في ضعفي الذي كان، صمت يسود، تقطعه عبارات أزجيها على ذلك الحبيب، بالرحمات والصلوات.

عام مضى، ولا زلنا نخلط بين المروانين، حفظ الله مرواننا الآخر وأطال عمره، لا زلنا نحدد في النداء، فيكون ذلك فرصة أخرى للترحم على أخينا، ولحظة أخرى من لحظات الصمت المطبق، سرعات ما يقطعها الدعاء، اللهم اجمعنا به في الجنة.

عام مضى، ولا زالت سيارتني تقودني أحيانا دون شعور إلى أماكن لها في نفسي شأن عظيم، مسجد في أزقة المحرق، سجاده الأحمر، ومكتبته القديمة، رائحة الأصالة والمحبة التي تفوح من أرجاء ذلك المسجد، ومروان، في تلك الزاوية يغمض عينيه يترنم بآيات القرآن استعدادا للتسميع، غير أن المسجد أصبح اليوم من غير مروان، ولا حتى أقران مروان، فجلهم كبروا، وأصبحوا يجلسون مجلس المدرس اليوم.

عام مضى، ولازلت أطير بذكرياتي بعيدا، كلما مررت أمام ذلك المنزل في البسيتين، فيتخيل إلي صوت من الخلف، هنا يا بوياسر، فأركن السيارة لينزل مروان، ولا تزال التفاتة مبتسمة منه حتى يدخل إلى المنزل.

عام مضى، ولا زالت مقبرة المحرق بالنسبة لي، تلك التي تعج بالمشيعين، مشهد المقبرة بالنسبة لي أصبح مشهدا لجنازة مروان وأخيه، لتعود الذكرى بي إلى ذلك اليوم، الذي لم يكن كغيره من الأيام، ذلك اليوم، الذي كتبت العبرات فيه أبلغ العبارات، وحكت فيه الدموع أنين المدامع.

عام مضى، ولا يزال الجمع ذات الجمع، أصحاب مروان وإخوانه، يجتمعون بين حين وآخر، حتى يقطع الحديث ذكر للحبيب، فيعود الصمت ليسيطر مرة أخرى وأخرى، رحم الله مروان، هكذا ينتهي الصمت في كل آن.

عام مضى، ولا يزال مروان الحمر، مبتسما في صورته المرسومة في أذهاننا جميعا، مبتسما في حياته، وحتى بعد مماته.

عام مضى، ولا يزال ذكره الطيب يملأ المجالس والمحافل، هكذا يكون ذكر الأخيار بين الناس، هكذا أراد الله أن تستمر الكلمة الطيبة في حق ذلك الحبيب، وهكذا، شاء المولى سبحانه، أن يختار مروان من بيننا، ربما، لأنه كان خيرنا.

عام مضى، وعادت الذكرى، رغم أنها ما غابت يوما ولا ساعة، لكنه القدر الذي يسبق الاختيار، لله الحمد من قبل ومن بعد، رحم الله مروان الحمر، وأسكنه عالي الجنات، وجمعنا به في مستقر رحمته.

فـارقت صحبـك يا أخـيّ ولم يكن ● يحـلو لــصحبك منــهم الهجــران
في كـــــل قـلب من فراقك لـوعة ● وبـكل عيــن مدمــع هتــــــــــان
مـــاشـيعوك وإنـــما قد شـــــيعوا ● فـــــــيك النزاهـة أيــــها الإنسان
والتف صحبك حـول نعشك مثلما ● تلـــــتف حـول المــقلة الأجـــــفان
يا راحــلا عنا ولســـت براحـــل ● الــقلب قبـــرك صــار والوجــدان

بو ياسر
9 فبراير 2009

انشر الرابط

تعليقات

  1. ELraSH 9 فبراير 2009 at 3:42 م

    ايي والله ما غابت ذكراك يا مروان، عسى الله أن يجمعنا به في أعالي الجنان…

    إن القلب ليحزن.. وإن العين لتدمع.. وإنا على فراقك يا مروان لمحزونون

    كتبت فأبدعت أخي الحبيب… أدام الله عليك الصحة والعافية

  2. بنت الخالدات 10 فبراير 2009 at 2:52 م

    عام مضى، ولازلت أطير بذكرياتي بعيدا، كلما مررت أمام ذلك المنزل في البسيتين، فيتخيل إلي صوت من الخلف، هنا يا بوياسر، فأركن السيارة لينزل مروان، ولا تزال التفاتة مبتسمة منه حتى يدخل إلى المنزل.

    أبكتني هذه الكلمات أكثر من أي كلمات!

    موضوع رائع ومؤثر…

    جزاك الله خيراً يا ولد خالتي ولاأراك الله مكروهاً في حبيب اللهم آمين..

  3. دعيج خليفة 2 مارس 2009 at 2:00 ص

    إن العين لتدمع .. وإن القلب ليحزن.. وإنا على فراقك يامروان لمحزونون..
    أجل والله لمحزونون 🙁
    اللهم ارحمه واجمعنا به في الجنّة .. اللهم آمين

    تسلم يدك بوياسر

  4. أم مروان الحمر 4 مارس 2009 at 7:41 م

    الله يجزيكم كل خير,ويبارك فيكم ونعم الصحبه كنتم ولازلتم واتمنى أتواصل معاكم اذا ماعندكم مانع ,الله يرحم ولدي مروان وخويه عبد الحميد ويصبرني ويثبتني ويقويني بتواصلكم معاي ولاتنسوني بالدعاء

  5. ● بو ياسر ● 11 مارس 2009 at 3:20 م

    أخي Elrash

    الله يجمعنا وإياكم جميعا في الجنان ياخوي.. ولا يحرمنا أحد بعد مروان رحمه الله

    بنت الخالة “بنت الخالدات”

    اللهم آمين.. شكرا على مرورك الكريم

    أخي بو عبدالرحمن..

    رحمه الله رحمة واسعة وجمعنا به في الجنة.. آمين..

    نورت المدونة أخوي

    الفاضلة أم عمر..

    على اتصال بإذن الله، وجزاك الله خيرا على تواجدك في المدونة.. وجودك يقوينا جميعا ودافع للترابط والاستمرار في طريق الخير

    جزاك الله خيرا 🙂

  6. الناي الحزين 25 يونيو 2009 at 3:40 ص

    هذي قصيدة كتبت في مروان بعد وفاته العام الماضي^ بطلب من أحد أصدقائه ..
    http://www.abumalix.com/over/files/11/Marwan.rtf

    الله يرحمه أوسع رحمة .. ياارب

  7. عربي داون لود 11 مارس 2010 at 3:42 م

    مشكورين جدا .. بصراحة مدونة رائعة شكراً لكم .. أخوكم مدير موقع عربي دانلود

اترك تعليقاً

اسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني